-->

الثلاثاء، 7 أبريل 2020



السحر والكهانة والعرافة
وفي شرح صحيح مسلم للنووي نقل عن القاضي قوله : إن الكهانة ثلاثة أضرب ، ومنها التنجيم . ثم قال " وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة ، وقد أكذبهم كلهم الشــرع ونهى عن تصديقهم وإتــيانهم ، والله أعلم " . انظر شرح حديث رقم 537 .
وذكر أبو بكرالجصاص في أحكام القرآن [ 1 / 64 ] في تفسير آية السحر من سورة البقرة أنواع السحر ، ومنها ما كان معروفاً في " بابل " من قديم ثم قال " ولا يبعد أن يكون في ذلك الوقت من يتعاطى سائر ضروب السحر الذي ذكرنا , وكانوا يجرون في دعواهم الأخبار بالغيوب ... , وكذلك كهان العرب , يشمل الجميع اسم الكفر لظهور هذه الدعاوى منهم , وتجويزهم مضاهاة الأنبياء في معجزاتهم .. " .
وسئل شيخ الإسلام عن التنجيم , فأطال الكلام عليه , وذكر أنه من السحر , و استدل بحديث " من أتى عرافاً فسأله عن شئ ... " الحديث , ثم قال " والعراف , قد قيل : إنه اسم عام للكاهن والمنجِّم والرمَّـال ونحوهم , ممن يتكلم في تقدم المعرفة بهذه الطرق .
ولو قيل : إنه في اللغة اسم لبعض هذه الأنواع , فسائرها يدخل فيه بطريق العموم المعنوي , كما قيل في اسم الخمر والميسر ونحوهما " اهـ . المجموع [ 35 / 173 ] .
وقال شيخ الإسلام في موضع آخر " وصناعة التنجيم , صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة , بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل , قال الله تعالى { ولا يفلح الساحر حيث أتى{ .
وقال { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت { .
قال عمر وغيره : الجبت السحر .
وروى أبو داود في سننه بإسناد حسن عن قبيصة بن مخارق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( العيافة و الطرق و الطيرة من الجبت(( .
قال عوف , راوي الحديث , : العيافة زجر الطير , و الطرق : الخط يخط في الأرض . وقيل بالعكس .
فإذا كان الخط ونحوه , الذي هو من فروع النَّجامة من الجبت , فكيف بالنجامة ؟
وروى أحمد و أبو داود و ابن ماجه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر , زاد ما زاد )) فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر ، وقد قال الله تعالى { ولا يفلح الساحر حيث أتى } ، وهكذا الواقع ، فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وروى أحمد ومسلم في الصحيح عن صفية بنت عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً (( .
والمنجـِّم يدخل في اسم العراف عند بعض العلماء ، وعند بعضهم هو في معناه .
فإذا كانت هذه حال السائل ، فكيف بالمسئول ؟
وروى أيضاً في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال : قلت يا رسول الله : إن قوماً منا يأتون الكهان ، قال (( فلا تأتوهم )) . فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان ، والمنجم يدخل في اسم الكاهن عند الخطابي وغيره من العلماء ، وحكي ذلك عن العرب .
وعند آخرين هو من جنس الكاهن وأسوأ حالاً منه فلحق به من جهة المعنى " . اهـ . باختصار . المجموع [ 35 / 192 – 194 [ .
وذكر الإمام البغوي في شرح السنة [ 12 / 177 ] حديث (( العيــافة والطّرْق والطيرة من الجبت )) ، أخرجه أبو داود [ 3907[ .
وقال " وقال ابن سيرين : الجبت الساحر ، والطارق : الكاهن " اهـ .
وذكر البغوي في باب " الكهانة " من شرح السنة [ 12 / 182 ] حديث (( من أتى عرافاً فسأله عن شيء ... )) الحديث .
ثم قــال " فالكاهن هو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ، ويدعي معرفة الأسرار ، ومطالعة علم الغيب .. " إلى أن قــال " ومنهم من يسمي المنجِّم كاهناً . وقد روي عن ابن عباس أن رســـول الله صلى الله عليه وســلم قال (( من اقتبس علــماً من النجوم اقتبس شعبــة من الســحر)) . " .
قال سمير : حديث ابن عباس هذا أخرجه أحمد في المسند [ ح 2000 ] وأبوداود [ 3905[ .
وقال الشنقيطي في أضواء البيان [ 2 / 197 ] " ولا خلاف بين العلماء في منع العيافة والكهانة والعرافة والطرق والزجر والنجوم ، وكل ذلك يدخل في الكهانة ، لأنها تشمل جميع أنواع ادعاء الاطلاع على علم الغيب . وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال " ليسوا بشيء " ا هـ .
قال سمير : حديث (( ليسوا بشيء )) متفق عليه . انظر جامع الأصول [ 5 / 63 [ .
وذكر ابن منظور في لسان العرب [ 13 / 363 ] في مادة " كهن " ، قول ابن الأثير " وقوله في الحديث (( من أتى كاهناً )) ، يشتمل على إتيان الكاهن والعراف والمنجم " .
وذكر ابن منظور أيضاً [ 9 / 238 ] في مادة " عرف " حديث (( من أتى عرافاً أو كاهناً .. )) ثم قال " أراد بالعراف المنجم أو الحازي ، الذي يدعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه " ا هـ .
قال سمير : فتبين مما تقدم نقله عن الأئمة دخول الساحر في حكم العراف والكاهن ، " بطريق العموم المعنوي " كما قال شيخ الإسلام ، بل هو أولى بالحكم ، لأن السحر أشد من الكهانة والعرافة وأعظم ، كما قال الإمام أحمد " الساحر أخبث " .

0 تعليقات على " السحر والكهانة والعرافة "