-->

الاثنين، 6 أبريل 2020



لا تداووا بحرام
ونقول للشيخ أيضاً : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أمته عن التداوي بحرام في غير ما حديث , ومنها :
1 –
حديث أبي الدرداء (( ..... فتداووا ولا تداووا بحرام )) رواه أبو داود [ 3874 ] .
2 –
وحديث وائل بن حجر أن طارق بن سويد سأل النبي عن التداوي بالخمر , فقال صلى الله عليه وسلم (( ليست بدواء ولكنها داء )) رواه مسلم وأبو داود والترمذي . انظر جامع الأصول [ 7 / 538 [ .
3 –
حديث أبي هريرة (( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث(( .
رواه أبو داود والترمذي . انظر جامع الأصول [ 7 / 539 ] .
4 –
حديث أم سلمة (( إن الله عز وجل لم يجعل شفاءكم في حرام )) رواه أبو يعلى [ 12/402 ] وصححه ابن حبان [ 1397 موارد [ .
و ذكره البخاري معلقاً موقوفاً على ابن مسعود . انظر فتح الباري [ 10 / 78 [ .
و إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد منع التداوي بالخمر , وهي أخف إثمــاً ومفســدة من السحر , فكيف بالتداوي بالسحر , لحل السحر ؟
وقد ردّ الشيخ العبيكان على من استدل بأحاديث النهي عن التداوي بحرام فقال " وأقول لمن يستدل بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام ، بأن حل السحر ليس من تعاطي الأدوية المحرمة المأكولة والمشروبة ، فالحديث هو في التداوي بأكل الطعام المحرم أو شرب ماهو محرم ، كالخمر ، ولو على سبيل التداوي ، أما السحر فهو : بحلِّ عقد وإتلاف ما وضع فيه السحر واستخراجه ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد يعطي الساحر للمسحور أدوية مباحة من الأعشاب ونحوها ، وإنما المحرم أن يقوم المسحور هو بفعل محرم ، مثل الذبح لغير الله أو تعليق ما يتضمن المحرم ، ونحو ذلك " ا هـ .
قال سمير : أولاً : النهي عن التداوي بالحرام ، ليس خاصاً بالمأكول والمشروب ، بل هو عام في كل دواء وعام في كل انتفاع ، حتى طلاء السفن .
ففي الصحيحين من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له (( أرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ، فقال : لا ، هو حرام .. )) الحديث . صحيح البخاري [ 2236 ]. وصحيح مسلم [ 3 / 1207 [ .
قال الحافظ " منهم من حمل قوله " هو حرام " ، على الانتفاع ، فقال : يحرم الانتفاع بها ، وهو قول أكثر العلماء ... " . انظر الفتح [ 4 / 425[ .
ثانياً : السحر نوع من الأمراض ، فيدخل في هذا الباب أيضاً ، ولهذا ورد في الحديث بلفظ " ما وجع الرجل " ؟ قال الملك الآخر " مطبوب " .
والعرب تسمي المسحور مطبوباً ، تفاؤلاً ، كما قال الحافظ في الفتح [ 10 / 228 ] ، وزاد " قال ابن الأنباري : الطب من الأضداد ، يقال لعلاج الداء طب ، والسحر من الداء ، ويقال له طب " .
وورد في الحديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم (( أما أنا فقد شفاني الله )) ، ويؤيده رواية عائشة عند البيهقي في الدلائل " فكان يدور ولا يدري ما وجعه " ، ورواية ابن عباس عند ابن سعد " مرض النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب فهبط عليه ملكان " . انظر الفتح [ 10 / 227 ] .
ولهذا أورد البخاري حديث السحر في كتاب الطب من صحيحه , وقال الحافظ (( إيراد باب السحر في كتاب الطب لمناسبته ذكر الرقى وغيرها من الأدوية المعنوية )) . الفتح [ 10/221 [ .
وقال البغوي في شرح السنة [ 12 / 187 ] عن السحر " وهو من أعظم الأدواء " ا هـ .
وقال ابن القيم (( فصل : في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به , قد أنكر هذا طائفة من الناس , وقالوا : لا يجوز هذا عليه , وظنوه نقصاً و عيباً , وليس الأمر كما زعموا , بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع , وهو مرض من الأمراض , و إصابته به كإصابته بالسُّمِّ , لا فرق بينهما ... ((
إلى أن قال (( قال القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض , وعارض من العلل يجوز عليه صلى الله عليه وسلم , كأنواع الأمراض .. (( .
إلى أن قال (( والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض , وقد روي عنه فيه نوعان :
أحدهما , وهو أبلغهما , استخراجه و إبطاله .. فهذا من أبلغ ما يعالج به المطبوب .
والنوع الثاني : الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر .. (( .
ثم قال ابن القيم (( ومن أنفع علاجات السحر الأدوية الإلهية , بل هي أدويته النافعة بالذات , فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية , ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها و يقاومها من الأذكار والآيات والدعوات ، التي تبطل فعلها وتأثيرها , وكلما كانت أقوى و أشد , كانت أبلغ في النشرة .. )) اهـ . باختصارمن زاد المعاد [ 4/113-116[ .
قال سمير: تأمل قول ابن القيم " بل هي أدويته النافعة بالذات " . فإنه صريح في حصر حل السحر بالأدوية المشروعة وترك ما سواها .
والتداوي من السحر إن كان من باب الرقية ، فهو أيضاً لا يشرع إلا بما هو مباح .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما نهى أمته عن التداوي بالحرام ، وعن الانتفاع به ، كذلك نهاهم عن الرقى بالشرك أو بما لا يعرف معناه من الكلام ، كما تقدم .
جاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسـلم (( اعرضـوا عليّ رقــاكم ، لا بأس بما ليس فيه شرك )) . رواه مسلم [ 2200 [ .
وفي سنن أبي داود [ 3883 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الرقى والتمائم والتولة شرك(( .
قال ابن الأثير " التولة ، بكســر التاء وفتح الواو ، ما يحبب المرأة إلى زوجــها من أنــواع السحر )) . جامع الأصول [ 7 / 575 [ .
قال ابن حجر " وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته ، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره ، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، بل بذات الله تعالى " .
ثم ذكر ابن حجر حديث (( إن الرقى والتمائم والتولة شرك )) ، وذكر أن التولة ضرب من السحر . انظر الفتح [ 10 / 195 ] .
ثالثاً : إن باب العلاج بالرقى أضيق من باب العلاج بالأدوية المباحة ، كما يظهر من النصوص ، فالنهي عن التداوي بالمـحرم منها أظهر من غيرها من الأدوية المحرمة ، والسحر أضيق منها كلها ، لأنه محرم كله .

0 تعليقات على " لا تداووا بحرام "